قصص نجاح الشركات

شركة تويوتا موتورز صانعة السيارات الأولى في العالم من حيث الانتاج، دفعها طموحها الى اعداد تجارب مكثفة لانتاج نماذج متعددة من السيارات الهجينة الصديقة للبيئة التي تعمل على الغاز أو الكهرباء وخفض استهلاك الوقود. من أرض اليابان، تمكنت تويوتا من الدخول بقوة الى الأسواق الأوروبية والاميركية لتصبح أحد أكبر المنافسين لعمالقة صانعي السيارات في عقر دارهم، مثل مرسيدس بنز وجنرال موتورز. تمثل تويوتا واحدة من قصص النجاح الحقيقية في تاريخ الصناعة التحويلية وما نموها بهذا الشكل الكبير إلا حكاية ضجت بها اليابان «بهدوء» بعد الحرب العالمية الثانية. فما قصة هذه الشركة العملاقة التي بدأت بخطوة ووصلت الىالعالمية؟

في عام 1933 زار رجل الأعمال الياباني كيشيرو تويودا الولايات المتحدة وجال على عدد من مصانع انتاج السيارات، ولدى عودته الى اليابان أنشأ شعبة لصناعة السيارات داخل مصنع يملكه والده ساكيشي تويودا لصناعة ماكينات الخياطة ومعدات صناعية أخرى، وما هي الا سنتان وبالتحديد في مايو 1935 حتى أنتج أول نموذج من سيارات تويوتا.. ولم يردع وجود مصانع للسيارات الأميركية في اليابان تويودا عن خوض غمار التحدي، وأعلن عن تأسيس شركة تويوتا موتورز شركة مستقلة لها كيانها الخاص في 28 أغسطس 1937. وقد سميت تويوتا على اسم مؤسسها، ولكن بتغيير الحرف الأخير للدلالة على الفصل بين العائلة والعمل واعتبرت كلمة تويوتا انها تجلب الحظ أكثر من تويودا.

الأبحاث والحرب العالمية

شكلت قلة الموارد الطبيعية في اليابان حافزاً لتويوتا لتطوير المحركات والمركبات ذات الكفاءة العالية من ناحية استهلاك الوقود. فأنشأت الشركة في عام 1939 مركز أبحاث لبدء العمل على انتاج بطارية لتشغيل المركبات، وتبع ذلك انشاء مركز تويوتا للأبحاث العلمية في عام 1940.
في هذه الأثناء كانت اليابان قد دخلت الحرب العالمية الثانية التي انعكست سلباً على أوضاع تويوتا لناحية الحصول على المواد الأولية للصناعة، إذا كان يتم الاحتفاظ بالموارد المتاحة لخدمة الحرب فلجأت تويوتا الى اعادة تدوير حطام الشاحنات المهترءة في صناعة مركباتها.

وعندما انتهت الحرب عام 1945، كانت معظم المنشآت الصناعية اليابانية قد تحطمت وعانت مصانع انتاج تويوتا من صعوبات كبيرة، لكن ذلك لم يثنها عن المثابرة واثبات قوتها في اعادة الإعمار والنهوض في مرحلة ما بعد الهزيمة. وهنا، توجهت تويوتا في خطوة منها للدخول بقوة الى السوق، الى الاهتمام بانتاج السيارات الصغيرة، في حين كانت مصانع السيارات الاميركية تركز على السيارات الكبيرة والشاحنات. وبعد نحو عامين من التحدي تمكنت تويوتا من سلوك أول خطوة على طريق النجاح عندما توصل المهندسون في بداية 1947 الى انتاج أول نموذج للسيارة الصغيرة التي كانت فريدة من نوعها في العالم وبلغت سرعتها القصوى 54 ميلاً في الساعة.

شفير الإفلاس

لكن في عام 1949، تعرضت تويوتا لنكسات داخلية بسبب خلاف بين العمال والادارة على دوام العمل والأجر الزهيد في ظل تفاقم الأوضاع المعيشية والتضخم والأزمة المالية التي ضربت البلاد. فتدهورت أوضاع الشركة، إذ بلغت مصروفاتها أكثر من ايراداتها وعانت من أزمة سيولة حادة، مما اضطرها الى تسريح عدد كبير من الموظفين وخفض الانتاج ومواجهة صدامات كبيرة بين العمال من جهة والصحافة من جهة أخرى. فوجدت تويوتا نفسها على شفير الافلاس.

بيد أن الشركة نفذت عملية اعادة هيكلة كبيرة وشاملة عام 1950 تضمنت فصل قسم المبيعات عن الشركة واعتباره كيانا مستقلا في مسعى لاعادة اطلاق عملية تسويق منتجات شركة تويوتا لصناعة السيارات على مستوى العالم. وبقيت كذلك حتى يوليو 1982 عندما أعيد دمجها بالشركة الأم. وفي فترة إعادة الهيكلة، جرت مناقشات بين ادارة الشركة والعمال تمحورت حول خيارين: اما القبول بالفشل واعلان الافلاس وحل الشركة، أو فصل بعض الموظفين طوعاً والشروع في اعادة بناء برنامج عمل جديد للشركة، وتم الاتفاق على الخيار الثاني وجرى تخفيض عدد العمال، واستقال مجلس الادارة وعلى رأسهم كيشيرو مؤسس تويوتا ورائد صناعة السيارات اليابانية الذي توفي بعد أقل من عامين.

التقنية الحديثة

لم يمض وقت طويل حتى عادت الشركة بزخم على الساحة العالمية بعد زيارة قام بها اثنان من المديرين التنفيذيين لتويوتا الى الولايات المتحدة، وعادا بأفكار جديدة بعد أن عاينا التقنيات الكبيرة التي أدخلت على السيارات الاميركية خصوصاً فورد. وبدأت الشركة بالاستثمار في التقنيات الحديثة الذي يعتبر مفتاح التقدم في الانتاجية والجودة. وعمدت الشركة الى زيادة رأسمالها ورفع الكفاءة والانتاجية كما عملت على تطوير خطوط المركبات والطرقات لتساهم في تنامي حركة المرور في اليابان. وفي عام 1951 عرضت تويوتا أول سيارة بنظام الدفع الرباعي تحت اسم لاند كروزر. وتمكنت من رفع نسبة مبيعاتها بفضل تزايد الطلب المحلي على السيارات الذي ارتفع من 50 سيارة الى 250 سيارة في الشهر عام 1953.
ولمراقبة عملية الانتاج وضعت تويوتا عام 1954 نظام الـ«كانبان» أو «تزامن الانتاج مع الانجاز» الذي يقوم على مراقبة الاستهلاك وعندما ينفذ المخزون يعمد الى اعادة تغذيته من جديد، وأصبحت هذه السياسة القاعدة الرئيسية لنظام الانتاج في شركة تويوتا.

التحدي والمنافسة

كانت المنافسة في تلك المرحلة في ذروتها، إذ أغرق السوق الياباني بالمحركات الاميركية والأوروبية، وسرعان ما أصبح واضحاً أن استمرارية الشركة تقوم على مدى قدرتها على المنافسة في الداخل والخارج. الأمر الذي دفعها الى بذل المزيد من الاستثمارات في مرافق التصنيع والمعدات التقنية الحديثة واعطاء الأولوية لجهود البحث والتطوير الذي كان الدافع أمام الشركة عام 1958 الى انشاء مركز بحوث شامل لتطوير وابتكار سيارات جديدة. كما نوعت تويوتا خطوط الانتاج وطرحت «كورونا» ثم سيارات الأجرة «تويوتا آس» المعدة لنقل الركاب والشاحنات الكبيرة التي تعمل على وقود الديزل. وفي خطة لزيادة حصتها في السوق المحلي، استثمرت تويوتا400 مليون ين في انشاء مدرسة لتعليم قيادة السيارات وتسهيل الحصول على رخص قيادة وأسهمت في تنامي حركة المرور في اليابان.

بعد توقيع اليابان عام 1955 لاتفاقية التجارة الحرة، قررت تويوتا خفض تكاليف الانتاج مع المحافظة على الجودة. وحصلت في 1965 على جائزة دمينغ للجودة والسعر. وفي عام 1966 حققت تويوتا نمواً باهراً في مبيعاتها خصوصاً بعد طرح سيارة تويوتا كورولا التي أصبحت من السيارات الأكثر شعبية، مما دفع بتويوتا الى انتهاج مبدأ التوسع في الانتاج بعد أن رفعت الحكومة اليابانية الضوابط المفروضة على الاستثمار ورأس المال. وفي أعقاب هذه الخطوة شكلت تويوتا مشاريع مشتركة مع صانعي السيارات الاميركية.

نظام بعد أزمة

في عام 1973، تأثرت تويوتا بالأزمة النفطية بسبب الحروب التي نشبت في منطقة الشرق الأوسط والعالم، اذ انخفض معدل الطلب على السيارات بعد نقص الامداد بالوقود وارتفاع الأسعار. لكن هذه الأزمة أعطت تويوتا درساً وأظهرت ضرورة إنتاج نظام مرن يمكن أن يتكيف مع تغيير أولويات المستهلكين. وكانت الولايات المتحدة في هذه الأثناء أقرت قانوناً للحد من الانبعاثات الصادرة عن محركات السيارات، الأمر الذي وضع تويوتا أمام تحد جديد لانتاج سيارة قادرة على تلبية متطلبات القانون ودفعها الى المضي قدماً في تطوير جيل جديد من السيارات الأنظف والأكثر كفاءة في استهلاك الوقود بعد دراسات عديدة. ونجحت في عام 1980 في منافسة الصانعين الاميركيين، حيث تمكنت من أن تحتل المرتبة الثانية بعد جنرال موتورز في مجموع السيارات التي يتم انتاجها.

إلى ذلك، بذلت تويوتا جهودا حثيثة من أجل تحسين التعاون الدولي في صناعة السيارات، وكان شواخيرو تويودا تبنى فكرة أن النجاح يتوقف على الطريقة التي تعالج بها العلاقات مع الولايات المتحدة. وحاول في اطار هذا الاتجاه اعلاء مبدأ المنافسة الحرة في أذهان الشعب الأميركي ولجأ في الوقت نفسه الى توسيع التعاون الدولي في مجالات الادارة والتكنولوجيا. وفي عام 1984 دخل في استثمارات تصنيع مشترك مع العملاق الاميركي جنرال موتورز التي أطلق عليها اسم المتحدة لتصنيع السياراتnummi ، مما سمح لتويوتا بالانتاج في الولايات المتحدة اضافة الى الاطلاع على الممارسات الاميركية في العمل وتمكنت من تقديم طرق وأساليب جديدة في الادارة والتصنيع. وكان المصنع في الولايات المتحدة ينتج 50 ألف مركبة سنوياً قبل أن تبني تويوتا مصانع جديدة قرب ليكسنغتن كونتوكي في خريف 1985. وبحلول 1988 أصبحت تويوتا تنتج وتجمع أكثر من 200 ألف مركبة في أميركا. وبحلول نهاية الثمانينات تربعت تويوتا على قمة صناعة السيارات اليابانية مع 43 في المائة من حصة السوق، كما بلغت مبيعاتها في الولايات المتحدة فقط أكثر من مليون سيارة وشاحنة.

التطوير والفخامة

وعملت تويوتا على زيادة حجم عملياتها والتوسع في منطقة جنوب شرق آسيا وأميركا اللاتينية، حيث ازداد الطلب على السيارات. ودخلت أيضاً على خط المنافسة في سوق السيارات الفاخرة مع طرحها اول سيارة لكزس ال أس 400 عام 1989 التي تصدرت في منتصف التسعينات اسواق السيارات الفاخرة.
وعلى الرغم من هذه التطورات والنمو المتزايد الذي ترجم في نتائج مالية كبيرة وعمليات تصنيع نموذجية، تابعت تويوتا السعي لادخال تحسينات على صناعتها من خلال اعادة هيكلة ادارتها عام 1990 على جميع المستويات، مما أكسبها قدرة تنافسية عالية. لكن أزمة الركود الاقتصادي الذي أصاب العالم بداية التسعينات أثر سلباً على نمو الشركة، كما أدى انخفاض قيمة الين الياباني الى خسائر كبيرة حيث انخفضت نسبة المبيعات وانخفضت الأرباح بشكل كبير على فترة أربع سنوات متتالية من 1991 الى 1994 على الرغم من محاولات خفض تكاليف الانتاج. الا أن هذا الأمر لم يثن الشركة عن خططها التوسعية خارج اليابان، فأنشأت خلال هذه الفترة ستة مصانع تجميع سيارات في بريطانيا وباكستان وتايلاند وتركيا وأميركا نظراً للتكلفة الأقل في هذه الأسواق.

الابتكار والمنافسة

في عام 1995، تسلم هيروشي أوكودا رئاسة الشركة وسعى الى تعزيز مكانة الشركة في السوق العالمي. وفي شهر يوليو كشفت تويوتا عن خطة الأعمال التي ارتكزت على التجديد والابتكار والتوسع، وهدفت الى زيادة الانتاج الى 6 ملايين سيارة سنوياً اضافة الى رفع حصتها في السوق العالمي والمحلي. وتمكنت من خلال خفض كلفة الانتاج وتقليل نفقات الشحن وتبسيط نظام العمل في تعزيز قيمة الاسم التجاري لتويوتا في الأسواق الخارجية. وأعلنت بعدها عن انشاء مصنع للشاحنات الكبيرة في انديانا شمال الولايات المتحدة مما عزز من قدرتها التنافسية في السوق الاميركي. كما افتتحت مصانع لها في كندا والهند في عام 1997، وأعلنت عن بناء مصنع ثان في فالنسيان الفرنسية لتبدأ بانتاج خط جديد من السيارات المصممة خصيصاً للمستهلك الأوروبي، كما فتحت عمليات تصنيع جديدة في البرازيل. وفي 1999 افتتحت مركزا لتصنيع قطع الغيار للسيارات في المنطقة الحرة في بولندا وتصديرها الى المصانع المنتشرة في أنحاء العالم.
وكانت السوق الصينية الواعدة محط أنظار تويوتا فدخلتها في أواخر التسعينات وبالتحديد في مارس 1998 لتشارك تويوتا في أربع منشآت صينية اضافة الى مصنع امتلكته بالكامل. وكانت اهم خطوة انشاء شركة سيتشوان تويوتا موتورز المحدودة أول مصنع انتاج سيارات في الصين الذي افتتح في نوفمبر 1998. كما دخلت تويوتا في شراكة مع محطة سيتشوان للعربات الكبيرة لتصنيع وانتاج الحافلات الكبيرة بحلول عام 2001.

ونمت تويوتا في الألفية الجديدة بشكل كبير لتتحول من شركة محدودة المسؤولية الى متعددة الجنسيات وتوسعت في مختلف الدول العالمية لتصبح أكبر منتج للسيارات في العالم مع نحو 9 ملايين سيارة سنوياً. وأشارت الأرقام الرئيسية للسنة المالية 2006-2007 المنتهية في شهر مارس 2007 الى مستقبل مميز للشركة حيث وصلت مبيعاتها نحو 202 مليار دولار وبلغ صافي الدخل 13،92 مليار دولار بنمو نسبته 19،2 في المائة، في حين بلغ عدد موظفيها نحو 300 ألف موظف في مقدمهم رئيس تويوتا الحالي فوجيو تشو والرئيس التنفيذي للشركة كاتسواكي واتانابي.
ولدى تويوتا اليوم مجموعة كبيرة من الموديلات التي اكتسبت شهرة عالية منها كريسيدا وسيليكا وكورولا ولاند كروزر ولكزس وكامري.
كما دخلت على خط انتاج سيارات سباق الرالي والفورمولا واحد، وقامت بإنتاج وتطوير العديد من النماذج التي حققت في معظمها انتصارات مميزة.
ومقر تويوتا الرئيسي في اليابان ولها فروع ومصانع تجميع في أكثر من عشرين دولة منها استراليا، كندا، اندونيسيا، بولندا، جنوب افريقيا، بريطانيا، اميركا، الهند، البرازيل وفيتنام والصين.

السيارة الهجينة لبيئة أفضل

في أغسطس 1998، رفعت تويوتا حصتها في السوق اليابانية مع استحواذها على دايهاتسو. وخلال أواخر التسعينات، نفذت تويوتا عددا من المشاريع والمبادرات البيئية وباشرت التخلص من النفايات الصناعية لديها بطرق علمية. وفي عام 1998 توصلت الى ابتكار أول سيارة هجينة، وهي تويوتا بيريوس التي تعمل على الغاز، في محاولة لتخفيف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ثم انتجت سيارات أكثر تطوراً تعمل على الطاقة الكهربائيةالمتجددة وعرفت بالسيارات الصديقة للبيئة.

المصادر
http://www.w-tb.com/wtb/vb4/showthread.php?1082-%D4%D1%DF%C7%CA-%DA%C7%E1%E3%ED%C9-%C7%E1%CA%C7%D1%ED%CE-%E6%C7%E1%CD%C7%D6%D1

www.toyota.com
http://www.toyota.com.sa/history.asp
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%88%D9%8A%D9%88%D8%AA%D8%A7

وشكرا

About Author

Leave a Reply

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *